بقلم : ذ حسن ادويرا
- مفتش تربوي بنيابة ميدلت
لقد حدد
الميثاق الوطني للتربية والتكوين أهم المواصفات والمقومات التي يجب توفرها في
المدرسة المغربية لتضطلع بمهامها في التنشئة الاجتماعية، من خلال تربية المتعلمين
على القيم والاختيار، وإكسابهم كفايات ثقافية وتواصلية واستراتيجية، تأهلهم
للاندماج الفاعل في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية....
ومن بين أبرز
ما ورد في مادته التاسعة بهذا الخصوص، أن المدرسة الوطنية الجديدة تسعى لأن تكون:
"...مفعمة
بالحياة، بفضل نهج تربوي نشيط، يجاوز التلقي السلبي والعمل الفردي إلى اعتماد
التعلم الذاتي، والقدرة على الحوار والمشاركة في الاجتهاد الجماعي"؛
"مفتوحة على
محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها
بكل ما يعود بالنفع على الوطن، مما يتطلب نسج علاقات جديدة بين المدرسة وفضائها
البيئي والمجتمعي والثقافي والاقتصادي"
وإذا كانت
وظائف المدرسة الجديدة تتجاوز المهام التقليدية المتمثلة في شحن أذهان المتعلمين
بالمعارف الغزيرة التي تفتقد لكل دلالة ونجاعة وفعالية، إلى أدوار طلائعية جديدة
قوامها التجديد والإبداع والانفتاح على المحيط، مستحضرة في ذلك حاجات المجتمع
الفردية والجماعية، فهذا بالطبع لن يتم بالطبع إلا عبر تفعيل الحياة المدرسية لما
لها من دور فعال في بناء شخصية المتعلم في أبعادها التربوية والمعرفية والمهاراتية
والوجدانية.
مفهوم الحياة
المدرسية:
يمكن تعريف
الحياة المدرسية بأنها الحياة التي يعيشها المتعلم في جميع الأوقات والفضاءات
المدرسية ( الفصول الدراسية والساحات والملاعب الرياضية والقاعات الوظيفية،
والخرجات التربوية والاستطلاعية...) قصد تربيته وتكوينه من خلال أنشطة متنوعة،
ووضعيات يساهم فيها بفعالية وإيجابية، ويشاركه فيها جميع الفاعلين والشركاء
والمتدخلين، من داخل المؤسسة أو من خارجها. وهي أيضا ترجمة للحياة العامة التي
يعيشها المتعلم خارج المؤسسة يمكن توضيح ذلك من خلال الخطاطة التالية:
أدوار الحياة
المدرسية:
انطلاقا من
الارتباط الوثيق بين الحياة المدرسية والحياة العامة، فإن المدرسة مطالبة بالخروج
إلى المجتمع، والعودة منه، واستحضار متطلباته على كافة المستويات، من أجل إعداد
أجيال قادرة على التواصل والتفاعل مع المتغيرات في عالم متسارع لا يؤمن إلا
بالتنافس الشرس والصراع على البقاء. ومن هنا، فإن أهم الأدوار التي يجب أن تلعبها
الحياة المدرسية لتؤدي أدوارها تتجلى في:
v
تثمين التعلمات والكفايات التي لها ارتباط
وثيق ومباشر بالحياة العامة للمتعلمين؛
v
مراعاة وضمان نمو المتعلم النفسي والوجداني
والفكري في علاقته بما يتعلمه بالمدرسة؛
v
تكريس المظاهر السلوكية الإيجابية وتصحيح
الممارسات والعادات السيئة لدى المتعلمين؛
v
ترسيخ مفهوم الحق والواجب لدى المتعلمين؛
v
التربية على المواطنة واحترام البيئة؛
v
تدريب المتعلمين على الاختيار من خلال
إكسابهم كفايات استراتيجية تمكنهم من معرفة الكينونة، واتخاذ المواقف الصحيحة في
حياتهم اليومية؛
v
تحسين فضاءات المؤسسة، وتحسين جاذبيتها لخلق
الحافزية والاستعداد للتعلم عند المتعلمين؛
v
تعويد المتعلمين على حمل مشاريع شخصية، تكون
منطلقا لهم للاستقلالية واتخاذ المبادرات؛
v
اعتماد المقاربة التشاركية، والتدبير
بالنتائج؛
v
انفتاح المؤسسة على المحيط الخارجي، وبناء
شراكات تعاون مع المؤسسات والهيآت ذات الصلة بالتربية والتكوين؛
v
خلق مراكز استماع لفائدة المتعلمين، واستباق
السلوكات المؤدية لمظاهر العدوانية والعنف المدرسي؛
v
اعتماد المقاربات الحقوقية والتشاركية
ومقاربة النوع والإنصاف ومقاربة الملاءمة والتعاقد؛
v
تفعيل الأندية التربوية ومجالس المؤسسات
ومواكبة أعمالها واستثمار نتائجها في الأنشطة التعلمية؛
v
تنشيط المؤسسة ثقافيا وفنيا ورياضيا
وإعلاميا...
أنشطة الحياة
المدرسية:
هي كل
الممارسات والإجراءات التي يقوم بها المدرسون أو شركاؤهم لفائدة المتعلمين داخل
المؤسسة أو خارجها. ولدواع منهجية يمكن تصنيفها إلى:
1) الأنشطة
الفصلية:
وهي الأنشطة
التي تمارس داخل الفصل، وتتم في وضعيات تعلمية أو داعمة داخل الحجرة الدراسية أو
خارجها، في انسجام تام مع توجهات المنهاج الدراسي وكافة المقتضيات
التنظيمية، وتنبني على:
التعلم
النشط؛
·
اعتماد
وتنويع تقنيات التنشيط ( الزوبعة الذهنية، لعب الأدوار، فليبس...)؛
·
اعتماد
البيداغوجيات الحديثة ( بيداغوجيا الخطأ، الفارقية، حل المشكلات...)؛
·
تنويع أنماط
التقويم وفق خصوصيات المتعلمين وفضاءات الاشتغال؛
2) الأنشطة
المندمجة:
وهي الأنشطة
التي تتكامل مع أنشطة الفصل، بفعل مقاربة التدريس بالكفايات بحيث تعتبر مجالا خصبا
للتجديد والإبداع من طرف المدرسين والمتعلمين على حد سواء، ويمكن أن يشارك في
تنفيذها شركاء المؤسسة ومتدخلون آخرون. ويمكن تصنيفها إلى:
·
أنشطة الدعم
( الدعم التربوي، الدعم الاجتماعي والدعم النفسي)؛
·
أنشطة التفتح
( التربية الصحية والبيئية، التربية على حقوق الإنسان والمواطنة، الأنشطة الثقافية
والإعلامية والتكنولوجية...)
هذا بالإضافة
إلى أنشطة موازية يمكن أن تفعلها المؤسسات الشريكة مع المؤسسة في إطار أيام وطنية
ودولية أو في إطار شراكات، سواء داخل المؤسسة أو خارجها.
خاتمة
اعتبارا لما
للحياة المدرسية من أدوار كبيرة في الارتقاء بأداء المدرسة، تبقى الإشارة في هذا
الصدد، إلى أنه - وفي سياق تفعيل أنشطة الحياة المدرسية وإعطائها طابع الدينامية
والنجاعة- يتعين إعادة النظر في الأحياز الزمنية المخصصة للتعلمات، وإعطاء
الأساتذة مجالات أوسع للقيام بالأنشطة المندمجة في إطار مرن يتيح حرية التصرف،
ويراعي ظروف وخصوصيات المؤسسة والفاعلين والمتدخلين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق