كشف السيد رشيد بلمختار وزير التربية الوطنية
والتكوين المهني في قصر المؤتمرات بالعيون يوم الثلاثاء
30 دجنبر 2014 ، على هامش المجلس الإداري لأكاديمية العيون عن الخطوط
العريضة لمشروع رؤيته الإستراتيجية المستقبلية لإصلاح التعليم بالمغرب
2015/2030. التي اعتمد في مرجعيتها الأساسية على ما جاء في خطابي (20 غشت 2012و 20
غشت 2013 )....
الذين شخص فيهما الملك واقع التربية
والتكوين بالمغرب ، وألح فيهما على ضرورة إجراء وقفة موضوعية مع
الذات، لتقييم المنجزات، وتحديد مكامن الضعف و الاختلالات، والمرجعية
الثانية التي اعتمدها الوزير هي التقارير والتقييمات و نتائج
الدراسات الدولية التي أجمعت على احتلال المنظومة التربوية المغربية مراتب
متأخرة في أغلب المؤشرات التربوية مقارنة مع المنظومات التربوية لأغلب الدول
العربية و الإفريقية رغم توالي وتعاقب مجموعة من الإصلاحات منذ فجر
الاستقلال .
وأكد
الوزير أن هذه الرؤية الإصلاحية ستنطلق من تنزيل مجموعة تدابير
ذات أولوية ، ستنبثق عنها تدابير تغطي الفترة ما بين 2015 و 2018 ، وتتمحور حول
تسعة محاور و 23 مشروعا تهدف إلى تغيير المدرسة المغربية ، موضحا
أن هذه الرؤية تروم تعزيز أسس المعرفة لدى التلميذ ، وبناء
الرأسمال الاجتماعي ، وتحقيق اندماج مختلف الفئات العمرية اقتصاديا واجتماعيا ،
وتجميع مؤسسات التربية والتكوين في شبكات مندمجة تساهم في إرساء عرض تربوي متنوع ،
وإرساء حكامة ناجعة ، وخلق شبكات وحدات الدعم التربوي ..
على أن يتم تحديد
هذه التدابير بصفة نهائية بعد أن يصدر المجلس الأعلى تقريره بشان هذه
التوجهات الإستراتيجية في أفق شهر مارس من السنة المقبلة .
كما اشتملت الرؤية
المستقبلية للإصلاح على مشاريع ذات أولوية تعتزم الوزارة مباشرة إنجازها ابتدءا من
السنة الدراسية 2014 / 2015 ، وهي مشاريع مستعجلة حسب السيد وزير التربية
الوطني والتكوين المهني، وتهم المواضيع التالية: النجاعة والفعالية، جودة التعليم
، دمج التربية الوطنية والتكوين المهني، اللغات والتواصل، والحكامة و تخليق
المدرسة لترسيخ القيم والنزاهة ،التحكم في اللغة العربية والتمكن من التعلمات
الأساسية، وتحديد عتبات الانتقال بين الأسلاك و إحداث "نوادي للتفتح
"خاصة باللغات والأنشطة الثقافية والفنية والرياضية، إلى جانب مواصلة تحسين
العرض المدرسي وتعزيز التأطير التربوي. هذا باختصار شديد جدا فحوى رؤية الوزير
والتي اعتقد شخصيا انها لامست الإشكالية الأساسية التي كانت سبب فشل مختلف مشاريع
الإصلاح التي عرفها المغرب منذ الاستقلال والتي كانت تستهدف قشور
وشكليات المنظومة التربوية دون الغوص في عمقها وإغفالها التركيز على
التلميذ/ محور العملية التربوية الذي يفترض أن يكون هو المستهدف الأساسي و
الأول من أية عملية إصلاحية .
ورغم إعجابنا بهذه "الرؤية" الا
اننا نخشى ان تكون مجرد "رؤيا " تصبح
كابوسا يقض مضجع المنظومة ويزيد من معاناتها ، وكما يقول المثل الشعبي
المغريي " اللي عضو الحنش تيخاف من الشريط " لذلك و
حتى نتفادي السقوط في نفس مطبات التجارب المريرة الفاشلة التي عشناها منذ
الاستقلال ، من حقنا أن نتساءل لنعرف قبل الشروع في تطبيق بنود هذا
المشروع .
·
ما هي
نتائج عملية تقييم المشاريع الإصلاحية السابقة والسبب الحقيقي لفشلها
والمسؤولين عن هذا الفشل .
·
ما هي
نتائج الاستشارات التي أجريت وما هي الجهات التي استشيرت وما هو
الرأي الغالب فيها .
·
ما هو
مصير نتائح الافتحاصات التي أجريت حول صرف ميزانيات مختلف المشاريع ومنها
الميزانية
الضخمة
للمخطط ألاستعجالي .
·
ما هي استرتيجية الوزير للحد من التخبط والتكرار
والعشوائية التي عرفتها مشاريع الإصلاح السابقة لضمان نجاح رؤيته
.
·
من
سينفذ هذا المشروع ويتتبعه ويوجهه ويقيمه و يحاسب القائمين عليه
في مختلف مراحله ، هل هي الوزارة الوصية التي تبث عجزها ؟ أم هل هو المجلس
الأعلى للتعليم ؟ ام هل هي هيئة ستحدث لهذه الغاية ؟ ام ان حليمة ستبقى وفية
لعادتها القديمة ؟
·
هل هذه الرؤيا/ rêve اوحى للوزير بها لوبي لا ينام وفي دفاع مستميت على
مصالحه؟
·
ام هل هي تملى عليه من طرف الجهات الخارجية المعروفة ؟
·
هل هي
فعلا رؤية/ vision حقيقة تستجيب
لتطلعات هذا المجتمع بجميع مكوناته ؟
·
ما هي
ضمانات استمرار هذه الرؤية بعد ذهاب هذا الوزير ، لأننا تعودنا على أن أول ما يقوم
به وزير جديد هو لعن سياسة الذي قبله؟
من حقنا كذلك
ان نتساءل : هل يمتلك الوزير العجوز/ الحالم الآليات والأدوات
والوسائل البشرية والمالية والمادية لإجراء هذه العملية
الجراحية الإستراتيجية لمنظومة التربية و التكوين لاستئصال جميع أورامه
؟ أم أنه في النهاية سيكتفي ب" الدواء الأحمر"
كعلاج سطحي فيما السرطان ينهش أوصال المنظومة
من الداخل. لقد شبعنا حتى التخمة من التشخيص والتمحيص والتنظير،
وأعيتنا شعارات الجودة وتخليق الحياة المدرسية وإرساء القيم والنزاهة
والحكامة و مدرسة النجاح و...و....وما إلى ذلك من مفردات تغرف
من قاموس شعارات حفظناها عن ظهر قلب و تعودنا عليها حبيسة اللافتات
والكراسات والدلائل التي كتبت عليها ، فالميثاق الوطني للتربية
والتكوين معززا بميزانية المخطط ألاستعجالي كان طموحا ، ومع ذلك لا
شيء تحقق والتلميذ المسكين "ما لحكو شي" على حد قول احد
الزملاء ، بل زاد الأمر استفحالا وفسادا ، بل إن مع كل مشروع جديد
تتناسل شرذمة جديدة من لصوص المال العام، الذين لا شغل
لهم إلا انتظار مثل هذه المشاريع ليشرعوا في انجاز مشاريعهم الخاصة.
إن السبب الرئيس – في
اعتقادي- لفشل جميع مشاريع الإصلاح مرده إلى ضعف مستوى وتكوين جل
القيادات المكلفة بأجرأتها بدءا من القمة وانتهاء بالقاعدة ، و
الإشكال الحقيقي يكمن فيمن ستوكل إليه قيادة عملية تنفيذ
وتتبع أي مشروع مستقبلي طموح يتغيا تغيير المدرسة المغربية من وضعية
التردي التي هي عليها الآن إلى مدرسة جديدة تماما ، تمنح للمواطن
المغربي ذكرا كان أو أنثى، فقيرا كان أو غنيا ، و أينما وجد في الحواضر وفي
البوادي تعليما وتكوينا ذا جودة، مرتكزا على القيم والمبادئ الوطنية ، ومنفتحا على
الثقافات العالمية .
والحقيقة ان المشكلة لا تكمن في عدم وجود قادة إداريين وتربويين قادرين على
إحداث التطوير المنشود، والوصول بالمنظومة التربوية لمواقع مرموقة من
الريادة والتميز ، ولكن المشكلة تكمن في ضعف الآليات المستخدمة لاختيار
القيادات المناسبة والتركيز في معايير تقييم الأداء لشاغلي المناصب
المسؤولية من المديرين المركزيين الى المديرين الجهويين إلى النواب واطر
الإدارة التربوية وغيرهم على مدى اتباع الإجراءات وتسيير الأعمال اليومية
بذل التركيز على التغيير والإبداع والرؤية طويلة المدى ، وضعف الاهتمام بوضع
معايير مهنية موضوعية و واضحة وشفافة ، إضافة إلى طغيان اعتبارات العلاقات
والمجاملات والتحيزات والولاءات الشخصية و الحزبية والنقابية ، واستشراء
الفساد وعدم محاسبة المفسدين ، و وجود لوبيات ادارية وحزبية ونقابية
لا تسمح للمبدعين بالوصول إلى المناصب القيادية .
وحقيقة الأمر أن ما نشاهده من
خلل في أداء المنظومة التربوية يعزى – حسب اعتقادي - في
معظمه إلى ضعف جل القيادات الإدارية والتربوية وعدم كفاءتها، ووجود ثلة من
"المداهنين والوصوليين " الذين يتبوؤون سدة القيادة، نتيجة تغليب
الولاءات و المحسوبيات عند الاختيار، مما أسهم في عدم مواكبة هذه الأجهزة للركب
وتحقيق الطموحات والأهداف على النحو المطلوب.
لذا فإن
الاهتمام باختيار القيادات ، من خلال انتهاج آلية ومنهجية موضوعية تكفل ترشيد
الوصول إلى المناصب القيادية ، كإحداث مركز متخصص لتأهيل وتدريب القادة وقياس
أداء ومهارات وسمات المرشحين من خلال اختبارات عملية للقدرات والمهارات والسمات
الشخصية . وتوفير قاعدة بيانات شاملة بالمسار الوظيفي للمترشحين لمهام
القيادة على المستوى الوطني ووضع معايير علمية دقيقة وشفافة تمكن من
تتبع وتقييم الأداء لضمان عملية الاختيار السليم للقيادات ، وتفعيل
مبدأ الجدارة والكفاءة ومعرفة نظرة المرشح للمستقبل وأهدافه ومشروعه الشخصي لتطوير
المنظومة ، ومدى اتصافه بالموضوعية والوضوح والشفافية . كم من مسؤول فشل عملا
وسلوكا في ابسط المهام والمسؤوليات وبذل ان يحاسب ويعاقب فانه يجازى
بترقيته إلى مناصب قيادية أعلى واخطر ؟؟ وكم من مسؤول ناجح أزيح عن منصبه هكذا
بجرة قلم وأحيانا بالهاتف بدون حتى ان يعرف ذنبه ، لأنه لا يساير
أهواء هذا أو ذاك أو يرفض أن يلعب اللعبة .
في اعتقادي ، هذا هو مفتاح تحقيق "رؤية 2030
" وما عدا ذلك فان الأمر سيبقى مجرد "رؤيا" من
ضمن الرؤى و الأحلام الخيالية والحالمة التي نخاف أن تصحو
منها المنظومة التربوية فتصطدم بصخرة واقعها المرير والمؤلم
والذي يحتاج لتغييره الى "رؤية "حقيقية وليس إلى مجرد
"رؤيا أو حلم ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق