بقلم: نهاري امبارك، مفتش التوجيه التربوي، مكناس
لقد عرف قطاع التعليم بالمغرب، ومنذ فجر الاستقلال إلى اليوم، عدة إصلاحات، تعاقبت بتعاقب الحقب الزمانية والأجيال المتوالية، حيث شكلت عدة مجموعات لجان، وانكبت على النظر في قضايا التعليم، فاتخذت قرارات واختيارات وفق مرامي وغايات بقيت بعيدة المدى، وسياسة تعليمية لتدبير الشأن التعليمي لازمت السقف، وعلى امتداد ما يفوق نصف قرن، .....
ما كان يؤدي إلى فشل هذه الإصلاحات دون تحقيق المنتظر منها على الساحة التربوية والتكوينية، الأمر الذي انعكس سلبا على جميع الأصعدة، منها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وغيرها. حيث إن أي متتبع لهذه الإصلاحات، يلمس بكل بساطة مجموعة من الاختلالات، تطال المكونات والمؤسسات التي تنهض عليها سياسة تدبير شؤون الدولة، والتي تعتبر الأسس والمرتكزات الحقيقية للإصلاح التعليمي.لقد عرف قطاع التعليم بالمغرب، ومنذ فجر الاستقلال إلى اليوم، عدة إصلاحات، تعاقبت بتعاقب الحقب الزمانية والأجيال المتوالية، حيث شكلت عدة مجموعات لجان، وانكبت على النظر في قضايا التعليم، فاتخذت قرارات واختيارات وفق مرامي وغايات بقيت بعيدة المدى، وسياسة تعليمية لتدبير الشأن التعليمي لازمت السقف، وعلى امتداد ما يفوق نصف قرن، .....
حيث، في اعتقادنا، أن أي إصلاح تعليمي يتناول، فقط، المناهج والمقررات الدراسية والكتب المدرسية، ويرفع شعارات، لن يجدي نفعا، ولن يتجاوب مع الغايات المرسومة، ولن يحقق الأهداف المرجوة، ما دام لم تصاحبه، أو على الأصح، لم تتخذ قبله إصلاحات جذرية وعميقة لجميع مكونات المجتمع ومؤسساته، بكل أنواعها ومجالاتها، هذه المؤسسات التي ينهض عليها المجتمع وتعمل على تصريف السياسة المنتهجة في تدبير شؤون الحياة المجتمعية برمتها.
إن أي إصلاح مرتقب يتوقف، في نظرنا، على الإجابات الصريحة على التساؤلات المطروحة اجتماعيا، واتخاذ الإصلاحات المطلوبة على الصعيد المجتمعي، فالإصلاح التعليمي:
1. ما هي وضعية الأسر المغربية حاليا، من حيث الجوانب المهنية والاجتماعية والصحية والمادية والثقافية، حيث هذه الأسر تعاني العوز والبطالة والحرمان والأمية وانتشار الأمراض، فأضحت غير قادرة على مواكبة غلاء المعيشة واقتناء الحاجات الضرورية اليومية ومتطلبات الدراسة؟
2. وما هي وضعية الأطفال حاليا من حيث الرعاية الأبوية، والمعاناة اليومية، والواقع الاجتماعي من طلاق ويتم وتشرد وانحلال خلقي وتسكع واستغلال، وهيمنة الممارسات اللاأخلاقية واستيلائها على القيم المجتمعية وسلوكات الأطفال، من انحلال خلقي وتناول المخدرات وإدمان على التدخين والاتجار في المحرمات وتأثير المقاهي والملاهي؟
3. وما هو الواقع المادي للمجتمع من حيث البنى التحتية ووسائل النقل والطرق والقناطر بالبوادي، حيث معاناة التلاميذ يوميا جراء الفيضانات، والبرد شتاء والحر صيفا، والنقص الحاد في وسائل النقل أو عدم تواجده أحيانا، ما يؤدي إلى ضياع الوقت والتأخرات اليومية عن مواعد الدروس؟
4. وما هو واقع مختلف المؤسسات الإدارية والخدماتية حيث تشهد معاملاتها التماطل والتسويف والرشوة والمحسوبية والزبونية، ما يؤثر على أخلاقيات المجتمع ويشكل لدى الأطفال والأمهات والآباء مواقف سلبية من التربية الأسرية والاجتماعية؟
5. وما هو واقع الحياة اليومية في ظل انتشار الجريمة بشتى أنواعها، حيث تنقل يوميا وسائل الإعلام أخبارا صادمة حول انتشار آفات وموبقات تنخر المجتمع من نصب واحتيال واغتصاب ونهب وسرقة واعتداء وقتل، ما يلحق الذعر بالأطفال والخوف المستمر لدى الأمهات والآباء على حياة أبنائهم وتربيتهم الخلقية؟
6. وما هو واقع المعاملات والسلوكات اليومية في كل مكان، حيث الكلام الفاحش يخترق الآذان ويصمها، والملاسنات البذيئة، والكلمات النابية، والشجار والعنف ...كل هذا على مرآى ومسمع اليافعين والتلاميذ في الشارع وأمام المدارس، ما يؤثر فيهم نفسيا ويحول دون تربيتهم وتعليمهم بالشكل المطلوب؟
7. وما هو الواقع المادي لمختلف المدارس الابتدائية والثانوية، حيث بناها التحتية مهترئة، ومرافقها في حالة مزرية طالها التخريب، وأسطحها المتآكلة تخترقها المياه منذ أول نقطة مطر خريفي، وأبواب ونوافذ وسبورات حجرات الدرس طالها التكسير، وحيث أغلب المدارس بالقرى والبوادي يحتل فضاءاتها غرباء ليلا يعيثون بها خرابا والسكان يعلمون، كما تحتمي بها المواشي والحيوانات وأصحابها يشاهدون، دون عناية ولا اهتمام بمجال من المفروض أن يحظى بالاحترام والوقار؟
8. وما هو الواقع التربوي والتعليمي لمختلف المدارس العمومية منها والخصوصية ومدارس البعثات، في ظل الفواق الصارخة بين التلاميذ، حيث مبدأ التوحيد المنادى به منذ سنوات خلت، لم يتحقق بعد، بل زادت الهوة اتساعا بين هذه المدارس من حيث نوعية الخدمات التربوية ولغة التدريس والمناهج والمقررات والكتب المدرسية وطبيعة النتائج المدرسية، وهيمنة حاملي البكالوريا الوافدين من المؤسسات الخصوصية على أغلب المقاعد بالأقسام التحضيرية للمدارس العليا والمؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المحدود، حتى تشكلت مواقف سلبية من الوضع القائم لدى الأمهات والآباء؟
تلكم أسئلة، وغيرها كثير ذو ارتباط بواقع الحياة الاجتماعية للأسر والأطفال والتلاميذ، تنتظر أجوبة تخفف معاناتهم اليومية أين ما حلوا وعلى امتداد الأيام والشهور والسنوات، كما تنتظر موضوعاتها إصلاحات جذرية تخفف أعباء الحياة ومتطلباتها، وتمكنهم من الاعتناء بتمدرس أبنائهم في جو من الثقة في المدرسة وأدوارها ووظائفها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق