في إطار الجهود التي تبذلها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، الرامية إلى تشخيص واقع المدرسة المغربية تشخيصا علميا من أجل بلورة حلول ومخارج للإشكاليات التي تعاني منها المنظومة التربوية، قامت مديرية المناهج بتعاون مع الوكالة الأمريكية للتعاون الدولي USAID بإنجاز دراسة ميدانية حول القراءة بالمغرب خاصة في الصفوف الأولى من التعليم الابتدائي، أشرف على إنجازها خبراء وطنيون ودوليون.....
وخلال ترؤسه رفقة السيد عبد العظيم كروج الوزير المنتدب، افتتاح المنتدى الذي نظم يوم 26 يونيه 2014 بالرباط ،لتقديم نتائج هذه الدراسة، أكد السيد رشيد بن المختار وزير التربية الوطنية والتكوين المهني أن تلامذة الابتدائي يواجهون صعوبات كثيرة في تعلم القراءة وذلك مرتبط ـ يقول السيد الوزيرـ بعدة عوامل منها ما هو سوسيو اقتصادي ومنها ما هو ثقافي تؤثر سلبا على مستوى تعلماتهم.
من جانبه أوضح ممثل السفارة الأمريكية بالمغرب أن هذه الدراسة ستمكن من وضع الأصبع على مواطن الخلل الخاصة بموضوع تدني مستوى القراءة عند التلاميذ وبالتالي التمكن من صياغة استراتيجية ناجعة تروم الارتقاء بمستوى كفاية القراءة لديهم.
وكشفت النتائج الأولية للدراسة التي اعتمدت ثلاث محاور أساسية في تناولها لموضوع القراءة انصب المحور الأول منها على تحليل المنهاج والكتب المدرسية، والثاني على تحليل منظومة التكوين الأساسي للمعلمين، فيما هم المحور الثالث تصورات وممارسات المعلمين التدريسية ـ كشفت ـ وجود حاجة إلى تطوير الجودة البيداغوجية وتأليف الكتب المدرسية على مستوى التعليم الابتدائي، كما أبان التحليل أيضا قصورا في بعض الكفايات القرائية الأساسية من قبيل الوعي بالأصوات ومعرفة الحروف وقراءة المقاطع قبل المرور إلى درجات أخرى أكثر صعوبة من قبل قراءة الجمل والفهم القرائي.
وفيما تشمل المهارات الأكثر تقييما مهارتي الحفظ والفهم، فقد ظلت المهارات الأقل تقييما في الأنشطة القرائية هي تلك المتطلبة لمجهود حقيقي على مستوى اللغة والذهن (مثل فك الرموز والقراءة الحرة).
وفي نفس السياق أبرزت الدراسة بخصوص إنتاج وتأليف الكتب وجود جودة بصرية عالية في اختيار الرسومات والطبع وتنوع الألوان وكثافة الكلمات في الصفحة الواحدة.
أما في المحور الثاني المتعلق بتحليل منظومة التكوين الأساسي للمعلمين الذي يهدف إلى تسليط الضوء عن كيفية تعلم المعلمين المتدربين وتدريس القراءة في السنوات الأولى من الطور الابتدائي، عمد الخبراء المغاربة إلى دراسة وتحليل وثائق رسمية ومقررات التكوين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.
وخلصت الدراسة إلى وجود عدة عوامل للحد من فعالية التكوين الأساسي للمعلمين أولها مرتبط بالفترة الزمنية القصيرة المخصصة للتكوين والتي لا تسمح بتعليم عميق لديداكتيك مادة واحدة كالقراءة اعتبارا لتعدد الكفايات الوظيفية والمهنية التي يتعين تلقينها للمتدربين.
كما أشارت الدراسة أيضا إلى أن هذا الحاجز يزداد تفاقما لكون المتدربين لهم تكوينات جامعية مختلفة لا علاقة لها بالمواد المدرسة خلال التكوين، وهذا يقتضي تعميق التفكير في بلورة استراتيجية إصلاحية لهذه المفارقة.
ولرصد ومعرفة تصورات وممارسات الأساتذة التدريسية، قام الخبراء المغاربة بدراسة وتحليل معطيات شملت 178 أستاذا ينتمون إلى 75 مدرسة، كما تم إجراء عدة لقاءات ومناقشات إضافة إلى توزيع استمارة ذاتية بحيث أفادت الدراسة في هذا الشق أنه على الرغم من أن المعلمين يتوفرون على رؤية تفاؤلية بخصوص قدراتهم التدريسية للكفايات القرائية بالعربية، إلا أنه لازالت هناك عدة عوامل تقف حاجزا أمام تحقيق هذا المبتغى، وعزت الدراسة ذلك إلى كون الأساتذة لا يتوفرون على الأدوات اللازمة للتدريس ولم يهيأوا لتدريس أقسام مشتركة ولا أقسام مكتظة.
وعن مستوى تعليم القراءة بالعربية تظل نظرة الأساتذة غير موحدة حول المنهجية والمقاربة الأكثر فعالية، مما يضطرهم إلى التكيف مع المحيط الاجتماعي الذي يدرسون به، وكذا مع الوسائل التعليمية الصعبة خاصة بالنسبة للتلاميذ الذين لم يستفيدوا من التعليم الأولي.
وقد تميزت هذه الندوة، التي حضر أشغالها السيد الكاتب العام للوزارة ومديرون مركزيون وخبراء دوليون ومهتمون بمجال التربية، بإلقاء عروض لامست في مجملها مشكل القراءة وكيفية الارتقاء بها، كما نظمت ورشة أطرها خبراء وطنيون ودوليون مكنت الحاضرين من طرح ومناقشة بعض الجوانب المرتبطة بالقراءة من خلال ممارستهم المهنية، وكذا اقتراح بعض الحلول التي يرونها مناسبة لتجاوز هذه الإشكالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق