كثيرة هي الصعوبات التي بدأت تنتصب أمام حكومة ابن كيران في طريقها نحو السلم الاجتماعي. نجاح الجولة الحالية من الحوار الاجتماعي، المتوقفة بسبب الخلاف حول قانون الإضراب، بدأت احتمالاته في التضاؤل بعدما عاد شبح أزمة صناديق التقاعد إلى الانبعاث من جديد. من كواليس اللجنة التقنية المكلفة بتدارس تدابير إصلاح أنظمة التقاعد، خرجت أخبار مفادها أن لا تقدم في الأفق، وأن كل سيناريوهات الإصلاح الممكنة ستكون باهظة الثمن على المستوى السياسي.
بين الرفع من قدر مساهمات المنخرطين، والرفع من سن التقاعد والتخفيض من مبالغ المعاشات، يبدو أن أشغال اللجنة مازالت تدور في حلقة مفرغة، سيناريوهات زادت من حيرة أعضاء اللجنة التقنية بعدما تم استبعاد الحلول المقترحة من قبل مكتب الدراسات الدولي الذي أوصى بضرورة وضع بنية موحدة تشمل، على حد سواء صناديق التقاعد التابعة للقطاع العام وتلك التي تدبر مدخرات مستخدمي القطاع الخاص.
حل تشدد النقابات على استبعاده دفاعا على مصالح مستخدمي القطاع الخاص «لا يمكن للعاملين في القطاع الخاص تحمل تبعات المشاكل المالية التي يعرفها نظام التقاعد لدى موظفي الدولة» يقول الميلودي مخاريق أمين عام الاتحاد المغربي للشغل معتبرا أن على الدولة إنقاذ هذا النظام في إشارة منه إلى الصندوق المغربي للتقاعد.
في الـ 18 من الشهر الماضي كانت اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، التي صعبت وضعية الصناديق شبه المفلسة من مهمتها في إيجاد سيناريو الإصلاح، قد ناشدت الحكومة في شخص رئيسها عبد الإله بن كيران بضرورة اعتماد «مقاربة شمولية».
أسبوعان بعد ذلك لوح نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية بإمكانية تمديد سن التقاعد إلى ما فوق 60 سنة وباحتمال إعادة النظر في طريقة احتساب المعاش، وهو ما اعتبرته المركزيات النقابية بداية لرضوخ لتوصيات مكتب الدراسات الدولي، محذرة مماقد يكون لذك من تأثيرات سلبية على الوضعية المادية للمأجورين.
نزار بركة حرص في مداخلة له أمام أعضاء الغرفة الثانية على تبيان أن «عدد المتقاعدين سينتقل من 149 ألف متقاعد سنة 2007 إلى 441 ألف متقاعد سنة 2060» وبأن «هناك أزمة خانقة تمس صناديق التقاعد»، في إحالة منه على الدراسة المذكورة التي كشفت أن «الصندوق المغربي للتقاعد سيعرف عجزاً آخر سنة 2012»، ما يفرض «ضرورة الإصلاح الشامل مع تقديم الحلول المقترحة» يضيف الوزير.
وزير المالية لم يقدم جواباً واضحاً بخصوص قرار المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد الذي سبق أن اتخذ قراراً منفرداً، رفع من خلاله سن التقاعد إلى 62 سنة، بالرغم من أن الحوار الاجتماعي مازال جاريا، مشيراً إلى أن النقاش مازال مستمراً للتوصل الى حل توافقي بين الشركاء الاجتماعيين والشركاء الاقتصاديين لإيجاد حلول لإشكالية أنظمة التقاعد.
اللجنة التقنية كانت قد توصلت إلى أن «أزمة الصناديق قد تتفاقم في السنوات المقبلة، وتبدأ في الظهور في عام 2013 في حال عدم التدخل لإنقاذها من شح مرتقب في السيولة النقدية وارتفاع أعداد المحالين على التقاعد»، ما جعل الحكومة السابقة تسند دراستها إلى مكتب الخبرة الفرنسي «أكتوريا» انتهى إلى وجود صعوبات تهدد الاستقرار المالي لصناديق التقاعد في المغرب قبل حلول عام 2020، مع عجز واضح في تمويلات صندوق القطاع العام قبل ذلك التاريخ.
مكتب الدراسات كشف كذلك أن صناديق التقاعد لا تغطي سوى ثلث العاملين بـ10 ملايين، موضحا أن ارتفاع عدد المتقاعدين في مقابل المستخدمين تراجع خلال السنوات الـ30 الأخيرة، وستصبح النسبة متقاعد واحد في مقابل أربعة عمال، من أصل 11 قبل أربعين سنة، إضافة إلى زيادة معدل الحياة من 60 إلى 72 سنة في عقدين من الزمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق