أخيراً وجدتُ الكنز
كان دائماً ، في أوقات ماضية ، يحلم في يستفيق من نومه صباحاً ويجد بجانبه كيساً مليئاً بالنقود . وفـي أحيان أخرى ، تراوده فكرة اللجوء إلى لعب القمار الإليكتروني لعل الحظ يخطىء ولو لمرة واحدة في حياته ويحصل على مبلغ مالي كبير يمكنه من تحقيق أحلام كثيرة وكبيرة قد يعجز عنها أولئك الذين كانوا تحت إمرة سليمان الحكيم . وعندما تنتهي هذه الفسحات الجميلة ، يعود ذلك الإنسانَ البئيسَ الكئيبَ ويصير نهاره أظلم من ليله .
سأل أحدَ أصدقائه ذات مرة عمَّا إذا كان يعرف أين يمكن أن يصادف هذا الشيء الغريب الذي يُسمى الحظ . لم ينتظر منه جواباً وراح يشكو الدهر وهو يعرف أن من يشكوه لن يزيد الشكوى إلا طولاً . بعد كلام كله شبيه بهديان من يدنو من الموت ، قام بحك شعر رأسك بعنف ، أعاد مشطه بأصابع يده وزفـر بعمق ، ثم سكن من جديد كرياح هبت ونترت ونثرت وهدأت . وراء هذه الحركة المعنفة دون شك أشياء كثيرة .
في الآونة الأخيرة ، لم تعد تراوده هذه الأحلام ، فصار يشرُد معظم وقته ليلحظه كثير من أصدقائه . سألوه حول ما إذا حصل له خطبٌ ما وإمكانية مساعدته والوقوف إلى جانبه لتجاوز محنته . رفض البوح بهذا السر الذي يلفه واكتفى بالقول : " لماذا لم يخلقني الله صخراً أصمَّ ، أفضَل لي أن أصير بلا قلب وأحاسيس ، على الأقل لن تعرف الآلام طريقها إليَّ كما تفعل بيَ الآن وهي تشقّ عليَّ حياتي باستمرار؟ لو كنت ذلك الصخر لصرت شاهداً لا مشهوداً عليَّ ". فماذا قلب حياته من ذلك الرجل الراغب المتلهف التوَّاق في الحصول على ثروة مالية إلى شخص لم يعد يرغب سوى في شيء آخر بعيد عمَّا هو مادي ومالي ؟
استطاع أحد أصدقائه أن يقتلع منه اعترافاً غريباً ، يقول إنه ربح كنزاً ثميناً منذ حوالي مدة قصيرة . لكنه لحد الساعة لا يوجد بحوزته وأن ثمة شرطاً ثقيلاً لأجل الحصول عليه . حالياً ، بمجرد أن يأوي إلى فراشه للنوم والراحة ، يكون الأرق سابقه وأنيسَه الذي لا يفارقه لتمرَّ بعض لياليه ، سكونٌ في المكان وسمرٌ وتجاذبٌ وهمٌّ في الكيان . يوم ينجح في تحقيق هذا الحلم المنتظر ولو لزم أمرُه السفر إلى آخر الدنيا كما يقول ، سيكون أسعد كائن على أديم الأرض كلها . كل جوابه وسرّ الكنز الذي سيعمل في المستقبل من أجل الحصول عليه يوجد في جوفه ويفضل اكتنازه .
قلت له وأنا أحاوره ذات مرة : " تُـرى ، ماذا يمكن أن يكون هذا الكنز الذي يشغل كلَّ بالك يا صاحبي ؟، وجعلتَ سعادتك مقترنة به ؟ ". فأجاب : " يا صديقي لا تلُمني ، هي فتاةٌ ولا كل فتيات الدنيا ".
· الحكي من نسج الخيال ، وكل إشارة فيه وافقت الواقع فهي من سبيل الصدفة فقط .
اقرأ(ي) الحكاية ومواضيع أخرى متنوعة بزيارتك للمنتدى العالمي : الحوار المتمدن (الموقع الفرعي)
اضغط(ي) هنــــــــــا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق