المنتدى العالمي FET FORUM

2011-02-13

حين يسرق الطفل: ظاهرة عرضية أم سلوك مرضي


من الطبيعي أن يكون وقع الصدمة على الوالدين كبيرا جدا، إذا اكتشفا قيام طفلهما بفعل مشين، كالكذب أو السرقة، موجهين لأنفسهما تهمة الإهمال والتقصير في تربيته ، ومن ثمة ينتابهما قلق كبير إزاء ما يمكن أن يكون عليه مستقبل طفلهما، وينزعجان ويتخوفان من أن تلتصق به صفة ذميمة تبعث على الانحراف، وينبذها المجتمع


وبالفعل، فوقع السرقة يكون قويا لأن هذه الآفة ترتبط بالتربية، والأخلاق التي يفترض أن يلقنها الأهل لأبنائهم، بينما تبقى، بالنسبة إلى علماء النفس واختصاصيي التربية السلوكية، مرحلة شقاوة في الصغر ناجمة عن فضول ومحاولة اكتشاف الذات والقدرة على التصرف، إلى غير ذلك من السلوكات التي لها علاقة فقط بمرحلة الطفولة، شريطة متابعة الأمر من قبل الوالدين والتنبيه له وكذا محاولة التوصل إلى ما إذا كان الأمر عارضا أو مرضا نفسيا، أو له أسباب تتعلق بالعنف الأسري، أو الحرمان.


تختلف السرقة، كما يراها علماء النفس، من مرحلة عمرية إلى أخرى، وفقا لإدراك الطفل لمعنى السرقة، وتفرقته بينها وبين الاستعارة.

فالطفل في سنه الثالث، غالبا ما يسعى لأخذ كل ما يجتذب انتباهه، ويعجبه، وقادر على تخبئته في جيبه، وهو ما يحدث كثيرا في تجمعات الأطفال، مثل الحضانة

في هذه المرحلة، لا ينبغي الحكم على الطفل بأنه سارق، لأنه لم يكتسب بعد مفهوم الملكية الفردية والملكية العامة، فهذه الميول الاستكشافية لدى الطفل، هي إحدى سمات المرحلة، وليست ميولا إجرامية.

وتقع بعض الأمهات في خطأ جسيم من شأنه أن يرسخ عادة السرقة، بعد أن لم تكن مقصودة، وهي التعتيم على هذا السلوك الطارئ، وإن اضطرها ذلك إلى عدم إعادة الشيء إلى أصحابه، ظنا منها أنها ستفضح ابنها، حال قيامها برد ما أخذه الولد، في حين أن الأطفال يترجمون هذا التصرف على أنه أمر عاد وشيء مباح، وتعد المرحلة العمرية، من الثالثة إلى الخامسة، أنسب مرحلة لإرساء مفهوم الملكية الخاصة عند الأطفال، لأن من شب على شيء شاب عليه.

وبالنظر إلى دوافع السرقة نجد أنها كثيرة ومتعددة عند الأطفال، فهي تبدأ كاضطراب سلوكي في سن الخامسة حتى الثامنة من عمر الطفل، وقد يتطور الأمر في سن العاشرة حتى الخامسة عشر. ومن أعراض هذا الاضطراب السلوكي، الكذب، والعدوانية، والتأخر الدراسي.

وتأتي الغيرة والانتقام كأحد دوافع السرقة، كأن يغار من إخوته لتفوقهم أو تميزهم عليه في مجال من المجالات، أو نشاط من الأنشطة، فيحاول أن يشفي غليله منهم بالسرقة، كنوع من رد الفعل، الذي يشعره بشيء من الرضى الكاذب.

كما يعد الاضطراب المزاجي أحد أسباب السرقة ودوافعها، إذ يكون الطفل غير متحكم في مشاعره، ويعاني العصبية الشديدة في حالة عدم تلبية رغباته.

وربما يسرق الطفل، أيضا، للفت الانتباه، أو لشعوره بالحرمان من الحب، خاصة في حالات انشغال الأهل، أو وجود مشاحنات بينهم.

وللسرقة دوافع أخرى مثل الخوف، أو الحاجة إلى الشعور بالاستقلال، أو التفاخر بين أصدقائه بامتلاك شيء مميز، يشبع لديه جانب النقص، الذي يسببه له، أحيانا، بخل الوالدين، أو تدني مستوى أسرته الاجتماعي، وإن كان اختصاصيو علم النفس لا يرون أن للمستوى الاجتماعي علاقة بسعي الطفل إلى السرقة، فقد تتوفر له كل سبل الرفاهية، وتلبى كل طلباته، ورغم ذلك قد يسرق، اعتبارا منه أن هذا الفعل لا يمس أخلاقه في شيء، وأنه فقط يريد أن يبرهن لنفسه أو لوالديه أنه قادر على تدبير حاله وقادر على التمرد على أوامرهما وسلطتهما مثلا.

وينصح الأطباء النفسيون بعدة أمور لتفادي السرقة عند الأطفال، لتصبح أمرا عارضا وليس مرضيا، ومن هذه الأمور:

- المساواة والعدل بين الأبناء، وعدم تفضيل أحدهم على الآخر، حتى لا يكون ذلك باعثا على إذكاء نار الغيرة والكراهية بينهم.

- متابعة الطفل ومعرفة مصدر الأشياء، التي بحوزته، في محاولة لمد جذور التواصل بين الأهل والمدرسة.

- اتباع أسلوب الترغيب والترهيب، والثواب والعقاب، وعدم إلصاق تهمة اللصوصية بالطفل، فعند الاكتشاف الأول، يمكن مسامحة الطفل، مع التحفظ على أن تكرار هذا الفعل، مرة أخرى، سوف يترتب عنه عقاب يحدده الوالدان بشرط أن يكون تدريجيا، علما أن التكرار ليس دليلا على عدم قابلية الطفل للإصلاح.

- مكافأة الطفل على كونه لا يعبث بأشياء الآخرين من أصدقائه، مع تشجيعه، وتحسيسه بأنه متميز عن أطفال آخرين يقومون بتصرفات خاطئة.

- الإكثار من حكي القصص، التي تبين عقوبة السارق، التي سيتعرض لها إذا فعل ذلك.
- عدم فضح الطفل أمام إخوته أو الأقارب، وإذا علم الأبناء، من الممكن إفهامهم أن أخاهم أخذ الشيء من قبيل الخطأ، وليس العمد.

- متابعة الوالدين لنوعية الأفلام والقصص التي يتعرض لها الأطفال، للتأكد من خلوها من السلوكيات الخاطئة، التي قد يقلدونها، فمن الضروري أن يختاروا لطفلهم ما يتلاءم مع المرحلة العمرية التي يمر بها.

- أخيرا، إن الطفل يكون مستعدا لتجربة كل شيء جديد عليه، لذا قد يقع في الخطأ أو المحضور، وبالتالي، على الأهل معرفة كيف يتعاملون مع فضول هذا الطفل في الاكتشاف، وكيفية انتشاله في الوقت المناسب، عندما يقع .

10:49 | 12.02.2011 إعداد: نعيمة لمسفر | المغربية     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق