كنت أسير بخطى متعثرة بسسب من بقايا نعاس لم يكتمل ، حينما رأيت يمامة خائفة كانت بمحاذات سياج شائك ، لحديقة كامنة في جوف حي سكني . خلت أنها مريضة ووقفت أتفّرسها ثم أنحنيت قليلاً ، وكانت سليمة غير أن أهذاباً صفراء كانت ملتصقة بريشها ، إنها لازالت صغيرة غير قادرة على الطيران . أطبقت عليها براحتي يدي وأحسست بحرارة جسمها المرتج مع نبضات قلبها . وقلت مخاطباً نفسي :
- لعلها ستنتهي لعبة أو رهينة بين أيدي الأطفال ، إن أنا تركتها هنا.. ثم تساءلت : ماذا أنا فاعل بها ؟ وفجأة سمعت صوتاً ينبعث من أعماق طفولتي يدعوني أن أحتفظ بها.. انفزعت لما سمعته وأسرعت رافعاً يدي إلى أعلى فاكّاً وثاقها و انطلقت محلّقة على علوّ منخفض . وقلت وأنا أتابعها ببصري والشعور بالرضى عن النفس يغمرني :
- الآن يمكنك أن تعودي إلى حضنيّ أبويك.. ولعلك ستحظين بحياة أطول..وما إن أنهيت تعليقي ، رأيتها تسقط وينقضّ عليها هرّ، كان رابضاً بين الأعشاب الكثيفة. قفزت فوق الأسلاك الشائكة لنجدتها ، لكنني لما وصلت رأيت أطرافها مرتخية بين فكيه..وقفت في مكاني وأحسست بأني قد أجرمت في حقها وأنني قدّمتها لقمة سائغة لهذا الضاري الجائع . قررت أن أنسى الأمر وأمضي إلى حال سبيلي ، لكي لا يعتكر مزاجي بأمر لم أتوقع حدوثه، لكن سؤالاً ظل يتردد في ذهني:
- هل يجب علي أن أتعاطف مع اليمامة ضداً في الهر..وضداً في السلسلة الغذائية للطبيعة ؟
زهير الفارسي
الحوار المتمدن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق