لعل المدرسة باعتبارها مؤسسة التكوين و التربية بامتياز، وفضاء لتأهيل العنصر البشري وحسن ترشيده، وجعله في خدمة التنمية، ليندمج في سوق الشغل، كنتيجة حتمية بقوة ارتباط السبب بالمسبب ، والدال بالمدلول، فتزداد الإنتاجية والمردودية بقدر قابليته على الانخراط في الشأن العام ، وكذا حسب قابلية السوق على استيعابه . .............
إن كلمة مدرسة تعني الكثير، فقديما كان يطلق اللفظ على المدارس الفكرية : كالبنيوية و الوضعية ، العقلانية والتجريبية و الحسية...حيث تخرج منها عظماء، وكونت جيلا من المفكرين ، المنظرين ، فأصبح وصف "مدرسة" يطلق على كل تيار قطع أشواطا في المعرفة و الفكر.
حاليا ، تغير مدلول اللفظ ، حيث بات يطلق على فضاء للتلقين وفق برنامج ومنهاج ، أهداف وكفايات ، طرائق وأساليب ، عقود و التزامات بيداغوجيا و ديداكتيك ، وهلم جرا...
لكن الوضع الحالي يقتضي الوقوف على مواطن الخلل و الداء والإحاطة بكل جوانب المسألة، حتى يتسنى إصدار الأحكام الموضوعية بعيدا عن القيمية والمعيارية ، لنتمكن من القول بكل بساطة أن المدرسة المغربية تعاني إشكالية غياب المشروع، وأزمة حقيقية على مستوى المنهاج ، وحتى لا يتم الخلط واللبس على المستوى الاصطلاحي ، لا بد من التمييز بين : المنهج والمنهاج والمنهجية على الرغم من التقارب الدلالي بينها .
فإذا كان مفهوم المنهاج يشير إلى جميع الأنشطة والبرامج التعليمية التي يتم تسطيرها باعتماد خطة مستقبلية تتضمن الأهداف المراد تحقيقها، والمنهج هو مجموع الأليات والوسائط والإمكانات المتبعة في البحث لتحقيق التعلم الجيد ، فإن المنهجية هي عبارة عن إجراءات السيرورة العملية الإجرائية كقناة للتواصل بين البات و المتلقي .
إن أزمة المنهاج الذي يعتبر المنتج الأساس لعملية التعلم بالإضافة إلى غياب المشروع التربوي قد أديا إلى غياب الانسجام بين المدرسة و المجتمع ، حيث أصبحت هذه الأخيرة عاجزة عن إنتاج موارد مؤهلة وقادرة على الانخراط و الاندماج .
فالمشروع التربوي الناجح هو ذاك الذي يستمد غاياته من الخصوصيات البيئية ، وترتكز توجهاته على المحيط الاجتماعي على كافة الأصعدة فيوجه المنهاج الدراسي الذي ينتج و يكون القوة البشرية الكفيلة بالتأثير في المجتمع وإعادة بنائه. من دون معادلة من هذا القبيل ستبقى المدرسة تتخبط بين أزمة المنهاج و غياب المشروع
عبد الحفيظ زياني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق