المنتدى العالمي FET FORUM

2011-05-01

بيداغوجيا الإدماج، أية رهانات ؟


تعددت التعريفات الخاصة ببيداغوجيا الإدماج، البعض يعتبرها إطارا من الأطر المنهجية المنبثقة عن هندسة المنهاج، والبعض الآخر يعرفها ببيداغوجيا سياقية لها أسلوب تطبيقي للتعامل مع التعلمات، وآخرون يعتبرونها عملية موضوعها التعلمات وكل هذه التعريفات تتداخل وتنسجم مع بعضها انسجاما نسقيا مما يوضح هذا المصطلح التربوي الجديد في ساحتنا التعليمية، ويقربه من المدرس الذي يندهش من كل شيء جديد ويتوخى فهم كل آليات وطرق اشتغاله.إن التعليم المغربي عرف مقاربات تربوية عديدة وجميعها توخت الرفع من جودة التعليم، فمن بيداغوجيا الأهداف إلى بيداغوجيا الكفايات، وتحضر الان بيداغوجيا الإدماج، وهناك الآلاف من مدرسي هذا الوطن الذين اشتغلوا بكل المقاربات السابقة وهم الآن في طور التكوين لممارسة بيداغوجيا الإدماج.إن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو لماذا هذه البيداغوجيا الجديدة ؟ يمكن أن نجمل الأسباب في نقطتين أساسيتين: أولا، الرفع من دور المتعلم حتى يساهم بفعالية في إنتاج وبناء المعرفة، وثانيا لمعالجة بعض الثغرات التي عرفتها المقاربة بالكفايات على مستوى التفعيل، فالقطيعة الحاصلة بين الكفايات المحددة والتحقق الفعلي ساهم في حضور هذه البيداغوجيا الجديدة بغرض الأجرأة والانتقال من التنظير إلى التطبيق، كل شيء جديد على الساحة التربوية يأخذ وقتا ليستوعب والممارسة داخل الفصول هي السبيل الوحيد للوقوف على جدة بيداغوجيا الإدماج، والتجريب من طرف الأساتذة هو الذي سيعطي تصورا واضحا وكاملا لهذه البيداغوجيا، وتيسيرا لفهم المدرس عليه موضعتها في مكانها المناسب حتى لا ينحرف عن المسار الصحيح وحتى لا يرتكب أخطاء قاتلة أثناء ممارسته الفعلية، كما أن أغلب المدرسين يتخوفون ويظنون أن هذه البيداغوجيا ستفرض عليهم تغيير طرق تدريسهم وهذا ما يقلل من حماسهم تجاه هذه البيداغوجيا، والأصح أن طرق التدريس ستكون دينامية أكثر بالانتقال من العمل الفردي إلى العمل بالمجموعات أثناء محطات الإدماج.إن المدرس وفق بيداغوجيا الإدماج سيمارس الديداكتيك فترة ستة أسابيع لإرساء الموارد وأسبوعين لإدماجها عن طريق تقديم وضعيات مركبة إنماء للكفاية الأساس المحددة سلفا، وكل كفاية أساس تتحقق بعد أربعة مراحل تمتد طيلة الموسم الدراسي، بمعنى أن كل سنة دراسية بالنسبة للتعليم الثانوي الإعدادي تتضمن كفاية أساس تختلف طبيعتها من مادة إلى أخرى.تفرض بيداغوجيا الإدماج في الوقت الراهن على المدرس التعامل مع المقرر المدرسي تقديما وتأخيرا انسجاما مع مراحل إنماء الكفاية، فلكل مرحلة مواردها، هذه الموارد ستدمج في بعضها بشكل مركب لحل وضعيات إدماجية ترتبط ارتباطا وثيقا بالكفاية الأساس التي يتوخى تحقيقها في نهاية السنة الدراسية، إذن المراحل الأربعة تعرف تعالقا فكل واحدة تكمل الأخرى وليس هناك قطيعة بينها، يمكن القول إن الإدماج يفعل الكفاية ويرقى بها والمدرس مطالب وفق هذه المقاربة بتوظيف شبكات متعددة منها: شبكة الاستثمار، شبكة التحقق، شبكة التصحيح، شبكة المعالجة والدعم، والغاية هي تثبيت مبدأ التعلم الذاتي لأن هناك شبكات سيشتغل عليها المتعلم، وأخرى سيشتغل عليها المدرس ليحقق من خلالها مبدأ الإنصاف الذي تسعى إليه بيداغوجيا الإدماج.إن لكل بيداغوجيا جهازها المفهومي المعتمد، وبيداغوجيا الإدماج حافظت على مفاهيم من المقاربات البيداغوجية السابقة كمفهوم الكفاية واستحضرت مفاهيم حديثة منها مفهوم الموارد والوضعية ثم الإدماج. تعتبر الموارد كل القدرات والمهارات والمواقف والمعارف التي أرساها المدرس خلال ستة أسابيع، أما الوضعية فهي سياق تعبيري يتضمن مهمة وأسنادا وتعليمات، والإدماج المقصود به التركيب بين أكثر من مورد.يطرح المدرس المقبل على الاشتغال ببيداغوجيا الإدماج تساؤلات موضوعية، أبرزها الطريقة المثلى لتدبير أسابيع الإدماج وتحقيق النتائج المرسومة والمتوخاة، خاصة أن المدرس مطالب بتقديم عدة وضعيات خلال أسبوعي الإدماج والتعامل مع شبكات متعددة تعبئة وتفريغا وتصنيفا للأخطاء وتفييئا للتلاميذ حسب الاحتياجات، ويبقى الحل في الفترة الراهنة هو اعتماد المرونة والتسلح باستراتيجيات مناسبة لظروف العمل ونوعية المتعلمين، كما يتساءل بعض المدرسين عن الطريقة المناسبة للتقويم في ظل غياب المذكرات المنظمة وهل ستقدم توضيحات في هذا الشأن أم أن المدرس سينتظر بداية الموسم الدراسي القادم لتتضح الصورة، لا سبيل اليوم أمام أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي إلا العمل على استيعاب هذه البيداغوجيا الجديدة وممارستها عن وعي لأن تقويم نتائجها يتحقق بالتفاعل معها، والتوجس يبقى شعور مشروع من هذه المقاربة الجديدة.لقد عملت الحكومة على توفير موارد مالية مهمة من أجل إنجاح مشروع إصلاح التعليم، ويبقى العنصر البشري هو الركيزة الأساسية لنجاح هذا المشروع أو فشله فدون أطر تربوية فعالة لا يمكن تحقيق النتائج المرجوة، لهذا يجب العمل عل حل كل المشاكل العالقة حتى ينخرط الجميع في ورش الإصلاح بروح المسؤولية.ترغب السياسة التربوية الحالية في الخروج بتعليمنا إلى بر الأمان وخلق نهضة تربوية ترقى بمستوى التدريس وجعل المدرسة المغربية مرفقا يتخرج منه متعلم قادر على مواجهة وضعيات مركبة واقعية وحلها في ظروف مريحة، ومن الأهداف المأمولة أيضا تحقق المواصفات المرسومة في السياسة المنهاجية لدى كل الخريجين والحاصلين على الشهادة الإشهادية الثانوية الإعدادية.
نور الدين بلكودري
أستاذ مادة اللغة العربية
مجموعة مدارس الإيكام
الاتحاد الاشتراكي 28/04/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق