المنتدى العالمي FET FORUM

2011-04-23

قصة واقعية : ضعاف النفوس

 ضعاف النفوس
        في وقت سابق ، نشرت قصة قصيرة وواقعية في  إحدى البوابات  تحت عنوان :" أغبى رجل في العالم " ، وفي نهايتها تعمدت أن أذيلها بكلمة غايتي من ورائها استدراج القارئ واستخراج رأيه في تصرفي مع الثري الثمل ، ولفهم الموضوع أكثر ، لا بأس من إعادة قراءة القصة ، متبوعة بتعليقات القراء الإيجابية والسلبية على الأقل في نظري ، وهو مرادي .
1)    القصة :
        مؤخراً ، حظيت بالاستفادة من تكوين خاص في إحدى المدن الكبرى المغربية ، وذلك على نفقة مؤسسة حكومية . التكوين دام ثلاثة أيام وفي أفخم فنادق المدينة .
      في اليوم الثاني ، وبعد الانتهاء من العمل مساءً ، أخذت مكاناً في طاولة في بهو الفندق لأستريح قليلاً ، وإذا برجل أنيق ، غليظ وأحمر الوجه يناديني ويطلب مني الجلوس معه إلى طاولته . لبيت طلبه وجلست قبالته .  قال لي إنه في حاجة لمن يحدثه حتى يقتل الوقت الفارغ الذي يشكو منه ، ثم نادى على النادل وأمره بإحضار كل ما يمكن أن أشتهيه من أكل وشرب ، إلا أنني اكتفيت بفنجان قهوة .
      الرجل ثمل من السكر ، قال لي : " أنت في الغرفة 304 ، أنا جارك ، أنا نزيل في الغرفة 305 ، ثم صار يحدثني عن نفسه وعن مشاكله الأسرية والعملية ، من خلال كلامه ، فهمت أنه من الأثرياء المغاربة الذين يضرب لهم الحساب .
       وجدت نفسي أحياناً مجبراً على الرد على تساؤلاته وأسئلته ، هو فعلاً يثير الشفقة  . وبطلب منه سردت عليه قصة حياتي كلها وحتى منذ قبل ولادتي ، عندما كنت أحدثه كانت عيناه جاحظتين ورأيته منتبهاً ومتعجباً ، لاستكمال كلامي كان يلزمني وقت طويل ، أطول من عمري ، إلا أنني اختزلته في وقت ليس بالقصير . في النهاية قال لي : " أنت أنسيتني  همومي ومشاكلي ولكنني مجبر للذهاب إلى النوم لأنني منهك من السفر والشغل وتتنتظرني أعباء كثيرة في اليوم الموالي ". وقبل مغادرته ، أخرج شيكاً فارغاً من جيبه وقال لي : " اطلب ما شئت ، هذا الشيك سيحل جميع مشاكلك المادية "
إلا أنني ، وكعادتي أرفض كل شيء لم أتعب من أجل الحصول عليه ، قام الرجل من على كرسيه وقال لي : " أنت أغبى رجل في العالم "، وانصرف  ، هل أنا فعلاً كذلك ؟ أحياناً أعترف بأني كذلك ، ولكن للقارئ رأي آخــــر...
     نسيت أن أنقل إلى علم أعزائي القراء في المرة السابقة أن الرجل الثري أمرني بأداء ثمن فجان القهوة الذي كلفني (25.00) خمساً وعشرين درهماً ، لابأس أنا شاربه ومؤد ثمنه .
2)    التعليقات الإيجابية :
التعليق الأول : يا أستاذ ، لو كنت مكانك لتصرفت مثلك تماماً ، لأن كرامتي تفوق كل شيء ، أنت تصرفت كرجل ولا يهمك ما يقوله الآخرون .لا يمكنني قبول مبلغ كيفما كانت قيمته . هنيئاً لك شجاعتك وكرامتك .
التعليق الثاني  (في موقع الحدث التربوي) : السي أحمد هل القصة خيال ام واقع ؟ . ولكن ما فهمته أنها قصة واقعية . إن أغبى رجل في العالم هو محدثك لأنه لا يعرف أن رجل التعليم في الغالبية كرامته أغلى من ثروة العالم . كما أن أمثال هؤلاء كثيرون وخصوصاً الذين لم يتعبوا في مراكمة الأموال بل فتحوا أعينهم وملاعق الذهب في أفواههم ، فالحياة بالنسبة لأمثال هذا الشخص هي المال وهو الآن يملك المال ولا يملك ويتمتع بالحياة . الأموال مهمة في الحياة لكن تلك التي تمت حيازتها بالطرق الشرعية. وشكراً اسي أحمد .
3)    التعليقات السلبية في نظري :
التعليق الأول : فعلاً أنت غبي وأستسمح على اللفظ لأنه كان عليك أن تأخد الشيك وإن لم تنتفع به أنت ادفعه لخيرية أو لجمعية محتاجة أو أعن به ذوي الحاجات الخاصة أو أحد المساكين ، لقد أصاب الثمل في وصفه رغم أنه ليس في وعيه الكامل .
التعليق الثاني : في رأيي أيضاً كان بإمكانك أخذ الشيك ، في نظري صدق الثري في قوله بأنك أغبى رجل في العالم ، وأنا أقول لك : أنت أغبى أغبياء العالم  .
التعليق الثالث : آه لو كنت مكانك لقبضت الشيك من الرجل السكير ، على الأقل اللهم فيا ولا في صاحب الفندق ، اسمح لي سيدي أنت غبي بالفعل ومعذرة على هذه الملاحظة ، جاءتك الفرصة ولم تستغلها يا رجل . (انتهت التعليقات ) .
      وكما كانت لي رغبة في معرفة رأيكم في ، يهمني اليوم أنتم بدوركم أن تتلقوا مني تعليقاً بسيطاً  ، فلو قلت فيكم ضعاف النفوس يكون الوصف قليلاً ، أود أن أحيلكم على المقولة الصينية المشهورة : " علمني كيف أصطاد السمك ولا تعطني السمكة " . صحيح ، عندما تتكلم النقود يصمت كل شيء ، وتضعف النفوس وليس كل النفوس .
    إن أسمى مبدإ في الحياة هو ألا يشب ويشيب المرء على الاتكال على الغير والطمع في الحصول على ما لم يشتغل ويعمل من أجله ، فقيمة الشيء تكمن في العمل الذي سبقه وحققه .
لا . لا . لا . لست غبياً في تصرفي في عدم قبول المبلغ المالي الذي اقترحه علي الرجل الثري ، على الأقل في نظري وحدي ، وهذا ما يهمني  ولا يهمني كيف ينظر إلي الآخرون .
هي نصيحة جميلة واحدة : اعملوا بمقولة الحكيم الصيني : " تعلموا كيف تصطادون السمك ولا تكونوا ضعاف النفوس " .
                                                                            ذ. أحمـد أوحنـي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق